تحويل القوى العاملة: كيف يؤثر "بناء المسارات المهنية، وليس مجرد ملء الشواغر" على مشهد الأعمال في عُمان
مسقط، 13 يوليو في طليعة جهود التحول في سوق العمل العماني، تأتي مبادرة "توطين"، وهي منصة رقمية برزت كمحرك رئيسي لإصلاح سوق العمل في جميع أنحاء البلاد. في مقابلة حصرية، ناقش لؤي المجيني، الرئيس التنفيذي بالإنابة لمبادرة "توطين"، كيف أن هذه المبادرة القائمة على البيانات لا تؤثر فقط على فرص البحث عن عمل للعمانيين، بل تُعيد صياغة ممارسات التوظيف في القطاع الخاص، وجهود التخطيط التي تبذلها الجهات التنظيمية، وقدرات القوى العاملة على المدى الطويل في مختلف القطاعات.
صرح المجيني قائلاً: "لم يُصمم توطين ليكون مجرد بوابة توظيف أخرى. رؤيتنا منذ البداية كانت إنشاء منظومة وطنية متكاملة تربط الأفراد وأصحاب العمل والجهات التنظيمية في جهد متضافر لتوطين الوظائف، وتعزيز الإنتاجية، وتحقيق الأهداف الاستراتيجية لرأس المال البشري في عُمان".
يتوافق برنامج "توطين" بشكل وثيق مع رؤية عُمان 2040، لا سيما في مجالات التنويع الاقتصادي وتنمية رأس المال البشري. ويرى المجيني، الذي لعب دورًا محوريًا في تطوير الوظائف الشاملة للمنصة، أن "توطين" بمثابة "بنية تحتية حيوية" لتخطيط القوى العاملة الوطنية.
وأوضح قائلاً: "ما يميز توطين هو قدرته على دمج المعلومات مع الرؤى العملية. نحن نرسم خريطةً لسوق القوى العاملة، ونحدد فجوات المهارات، ونوازن هذه النتائج مع اتجاهات النمو والاستثمار في مختلف القطاعات. وهذا يُمكّن صانعي السياسات والمعلمين وأصحاب العمل من العمل بوضوحٍ غير مسبوق".
تدعم المنصة 17 لجنة قطاعية، شُكِّلت بالتعاون مع البرنامج الوطني للتشغيل (تشغيل). تستخدم هذه اللجان أدوات بيانات توطين المتطورة لإدارة تصاريح العمل وضمان إعطاء الأولوية للمرشحين العمانيين للوظائف الأساسية.
هذه ليست مجرد لوحات معلومات، بل هي محركات لاتخاذ القرارات، كما أشار المجيني. "يرتبط كل تصريح عمل ببيانات قطاعية محددة، بما في ذلك توافر العُمانيين، وتركيزات الوافدين، وإمكانية تطوير المهارات، والجداول الزمنية للتوظيف. إنها تُحوّل الحوكمة إلى نظام رقمي، عادل، وفعال."
من بين ميزات "توطين" البارزة أدوات تحديد ملف القوى العاملة، وأنظمة العقود الرقمية، وسوق العمل الحر، ووحدات إنتاجية أصحاب العمل. كما توفر المنصة أدوات توطين مصممة لمساعدة الشركات على تحقيق أهداف المشتريات والتعمين.
أكد المجيني أن "القطاع الخاص شريكنا الرئيسي، فنحن نزوده بالأدوات اللازمة لاكتشاف المواهب، وتحقيق أهداف الامتثال، والمساهمة بفعالية في الاستراتيجية الوطنية للقوى العاملة. وقد كانت الاستجابة قوية، حيث سجلت أكثر من 1700 شركة و100 ألف باحث عن عمل بالفعل".
منذ انطلاقها، سهّلت مبادرة "توطين" أكثر من 670 إعلانًا وظيفيًا، ووفرت أكثر من 3000 وظيفة شاغرة. ومع ذلك، يؤكد المجيني أن النجاح لا يقتصر على مجرد معايير.
قال: "ينصب تركيزنا على بناء مسارات مهنية مستدامة. ولذلك، طبّقنا برامج تحديد المسارات المهنية، وخيارات العمل الحر، ورؤىً ثاقبة حول اتجاهات نمو القطاع على المدى الطويل. نريد أن يتطلع العمانيون إلى المشهد الأوسع، لا إلى الراتب التالي فحسب".
تعمل سوق العمل المباشرة من Tawteen على معالجة عدم التوافق طويل الأمد بين الخريجين ومتطلبات صاحب العمل.
أوضح المجيني: "نعطي الأولوية للخريجين الجدد ومن ليس لديهم خبرة سابقة. يربطهم برنامج توطين مباشرةً ببرامج التدريب وتنبيهات الوظائف المصممة خصيصًا لهم. استراتيجيتنا استباقية وليست سلبية".
وكان أحد النجاحات الملحوظة هو ما يتعلق بقطاع المياه، حيث سهلت مبادرة توطين عملية التوظيف استجابة للاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية.
عندما أعلنت شركة نماء لخدمات المياه عن مشاريع جديدة تتجاوز قيمتها 700 مليون ريال عُماني، تمكنت لجنة قطاع المياه من تحديد 885 وظيفة بسرعة ونشرها عبر برنامج توطين، كما روى المجيني. وأضاف: "هذا هو مستوى الاستجابة الذي نعززه في جميع القطاعات".
لقد كانت الرؤية الاستراتيجية للمُجيني، وخبرته التشغيلية، وقيادته الشاملة، محوريةً في صعود توطين كأداة وطنية بالغة الأهمية. وقد ساهمت قدرته على تنسيق الجهود بين مختلف الجهات المعنية، من الحكومة والقطاع الخاص والباحثين عن عمل، في تحويل هذه المنصة من مجرد فكرة إلى واقع ملموس.
وأكد قائلاً: "نحن لا نكتفي بأتمتة الأنظمة فحسب، بل نُحدث تغييرًا في عقلية الموظفين تجاه التوظيف والتدريب والنمو. ويتطلب هذا التحول الثقة والشفافية والابتكار المستمر".
وفي المستقبل، تخطط مبادرة توطين لتوسيع عروضها في مجالات مثل إعادة المهارات، ودمج التدريب، ودعم ريادة الأعمال.
واختتم المجيني حديثه قائلاً: "نتطلع إلى أن يكون توطين أكثر من مجرد منصة توظيف، بل نهدف إلى أن يكون منصةً للتمكين الاقتصادي. ومع تقدم عُمان نحو رؤية 2040، فإن توطين على أهبة الاستعداد ليكون شريكًا أساسيًا في المسيرة المهنية لجميع العُمانيين".
تحليل خاص من عمانت | تصفح سوق عُمان
ظهور توطين إنها لحظة محورية للشركات في عُمان، حيث تقدم أدوات مبتكرة للتوظيف وتنمية القوى العاملة التي تتوافق بشكل مباشر مع أهداف رؤية عُمان 2040. تعمل هذه المنصة على خلق كل من فرص للشركات لتحسين عمليات التوظيف و التحديات لأولئك غير المستعدين لتلبية الطلب المتزايد على التعمين. ينبغي على المستثمرين ورواد الأعمال الأذكياء الاستفادة من رؤى وبيانات Tawteen لتحديد مجموعات المواهب الناشئة، والتكيف مع التغيرات القطاعية، وتعزيز قدرتها التنافسية في السوق المتطورة.