تهديدات الذكاء الاصطناعي تُعيد تشكيل استراتيجية الأمن في عُمان: ما يعنيه ذلك لبيئة الأعمال والمخاطر والاستثمار
مسقط، ١٧ نوفمبر - يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل مشهد التهديدات السيبرانية العالمية بسرعة، مما دفع خبراء الأمن السيبراني في عُمان إلى الدعوة إلى تعزيز الجاهزية لمواجهة الهجمات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وقد شكّلت هذه القضية محور نقاش رفيع المستوى في منتدى Cysec عُمان، حيث استكشف الخبراء كيف يُحوّل الذكاء الاصطناعي المخاطر السيبرانية والتدابير اللازمة لمواجهتها.
حذّر أعضاء اللجنة من أن الذكاء الاصطناعي يُمكّن المهاجمين من أتمتة الأنشطة الخبيثة وتسريعها وتغييرها باستمرار، مما يُشكّل تحديات كبيرة لأنظمة الدفاع التقليدية. فعلى عكس البرمجيات الخبيثة التقليدية، التي تميل إلى اتباع أنماط متوقعة، يُمكن للتهديدات المُحفّزة بالذكاء الاصطناعي تعديل توقيعاتها وسلوكياتها باستمرار لتجنب الكشف. وأكد يحيى العزري، خبير تكنولوجيا المعلومات في الفريق الوطني العماني للتأهب لطوارئ الحاسب الآلي (OCERT) بوزارة النقل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن "الذكاء الاصطناعي يُتيح للتهديدات التطور تلقائيًا. ويُصبح من الصعب تحديدها وعزلها وإيقافها ما لم نعتمد نماذج دفاعية مُدعّمة بالذكاء الاصطناعي بأنفسنا".
أكدت المناقشة على الحاجة المُلِحّة لعُمان للاستثمار في أنظمة كشف التسلل من الجيل التالي، والتحليلات التنبؤية، والأدوات الدفاعية المُدعّمة بالذكاء الاصطناعي، وذلك لاستباق التهديدات الناشئة. لم تعد هذه التقنيات اختيارية، بل أصبحت ضرورية لأمن البنية التحتية الحديثة. وقد أكّد أحمد اللواتي، أخصائي أمن المعلومات في "ملاءة"، هذا الرأي قائلاً: "يجب علينا استخدام الذكاء الاصطناعي لمواجهته".
إلى جانب التكنولوجيا، أكد الخبراء على أن التأهب للأمن السيبراني يتطلب تركيزًا متساويًا على التوعية والحوكمة وتطوير القوى العاملة. ورغم تزايد تدريس مواد البرمجة والتقنية في المؤسسات التعليمية العُمانية، إلا أن البرمجة الآمنة والوعي الرقمي لم يُدمجا بعدُ بشكل راسخ في المناهج الدراسية. وصرح هلال البوسعيدي، خبير مراكز البيانات، قائلاً: "إذا أردنا مجتمعًا قادرًا على الصمود في وجه المخاطر السيبرانية، فيجب أن يصبح الأمن السيبراني جزءًا لا يتجزأ من ثقافتنا، لا أن يقتصر على أقسام تكنولوجيا المعلومات فقط".
تناولت الجلسة أيضًا النقص العالمي في متخصصي الأمن السيبراني، وهو تحدٍّ بالغ الخطورة في الشرق الأوسط. تتمتع سلطنة عُمان بأطر استراتيجية متينة، إلا أن التنفيذ الفعال يعتمد على بناء قوة عاملة مستقرة ومدربة تدريبًا جيدًا، وهي مهمةٌ تُعقّدها زيادة الطلب العالمي. وشدد العزري على أهمية الاستثمار المستدام، قائلاً: "يبدأ في المدارس، ويستمر في الجامعات، ويجب دعمه بتدريبٍ مستمر. يمكن تطوير التكنولوجيا واللوائح بسرعة، لكن تطوير الكفاءات البشرية يستغرق وقتًا".
اتفق المشاركون على أن الذكاء الاصطناعي يُلزم المؤسسات بإعادة النظر في وضعها الأمني بالكامل. فالخطوط الفاصلة بين التهديدات التقليدية وغير التقليدية تتلاشى، إذ تُسهم المعلومات المُولّدة آليًا بشكل متزايد في عمليات التصيد الاحتيالي والاحتيال وانتحال الهوية وهجمات البنية التحتية. ويحتاج المدافعون الآن إلى تحليلات أقوى، وآليات إبلاغ مُحسّنة، وقدرات استجابة أكثر مرونة.
رغم هذه التحديات، يرى الخبراء أن عُمان في وضع جيد لحماية بنيتها التحتية واقتصادها. الاستراتيجيات الوطنية موجودة، والتعاون عبر الحدود آخذ في التوسع، ووعي القيادة قد ازداد بشكل ملحوظ. ويبقى الأمر الحاسم هو التكيف المستمر والنشر السريع للدفاعات المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وكما خلصت شيخة المشايخي، أخصائية أمن المعلومات في غرفة تجارة وصناعة عمان، لدى عُمان الاستراتيجية الصحيحة. والخطوة التالية هي الاستعداد لعالمٍ يُشكّل فيه الذكاء الاصطناعي كل تهديد نواجهه، وكل دفاع نبنيه.
تحليل خاص من عمانت | تصفح سوق عُمان
إن مشهد الأمن السيبراني في سلطنة عمان يمر بمرحلة حاسمة حيث لم يعد تبني الدفاع المدعوم بالذكاء الاصطناعي خيارًا بل أصبح ضروريًا لمواجهة التهديدات المتطورة والمتطورة التي يقودها الذكاء الاصطناعي. بالنسبة للشركات، يُلزم هذا الأمر الاستثمار في حلول أمن الذكاء الاصطناعي المتقدمة وفرصة لرواد الأعمال للابتكار في خدمات الأمن السيبراني المدعومة بالذكاء الاصطناعي. ينبغي على المستثمرين الأذكياء التركيز على دعم تطوير المواهب وتكامل الذكاء الاصطناعي المبادرات، مع الاعتراف بأن رأس المال البشري والتكنولوجيا المتطورة معًا سيحددان مستقبل المرونة السيبرانية في المملكة.
