رؤى صندوق النقد الدولي والجمعية الاقتصادية العمانية: كيف يؤثر التوقعات المالية على آفاق أعمالك في عُمان
مسقط، 19 نوفمبر
اجتمعت الجمعية الاقتصادية العمانية يوم الثلاثاء مع وفد من صندوق النقد الدولي في إطار برنامج التعاون الاقتصادي العماني. مشاورات المادة الرابعة لعام 2025تناول الاجتماع السياسات المالية في سلطنة عمان، والتطورات الاقتصادية الأخيرة، والتوقعات متوسطة الأجل، مؤكداً التزام الحكومة بتعزيز الاستدامة المالية وتشجيع نمو القطاع الخاص.
وتضمنت المناقشات مراجعة الإطار المالي متوسط الأجلناقش الحوار مبادرات زيادة الإيرادات غير النفطية، واستراتيجيات تحسين كفاءة الإنفاق، وإدارة الدين العام. وسلط الضوء بشكل خاص على دور القطاع المالي في تسهيل توسع القطاع الخاص وتعزيز التنوع الاقتصادي.
تُعدّ هذه المشاورات جزءًا من التعاون السنوي الذي يُجريه صندوق النقد الدولي مع دوله الأعضاء الـ 191 بموجب المادة الرابعة من اتفاقية الصندوق. وتُمكّن هذه المشاورات الصندوق من تقييم أداء السياسات، ورصد المخاطر الناشئة، وتقديم توصيات تهدف إلى الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي.
أكد الدكتور خالد بن سعيد العامري، رئيس جمعية الاقتصاديين العمانيين، على أهمية هذه الدورة السنوية، مشيرًا إلى أن استضافة وفد صندوق النقد الدولي تُبرز دور الجمعية كمنتدى فكري مستقل يُسهم في الحوار الاقتصادي الوطني. وأوضح أن الاجتماع أتاح دراسة شاملة للمسار المالي لسلطنة عُمان، وأحدث المؤشرات الاقتصادية، والإصلاحات الهيكلية الجارية لدعم النمو طويل الأجل.
كما أشار الدكتور العامري إلى أهمية الإطار المالي متوسط الأجل والمبادرات الحكومية لتعزيز المرونة المالية من خلال تنويع قاعدة الإيرادات غير النفطية، وتحسين كفاءة الإنفاق، وتعزيز قدرات إدارة الدين والمخاطر. وأشار إلى أن الحفاظ على حوار مفتوح مع المؤسسات الدولية يُثري صياغة السياسات ويتوافق مع أهداف عُمان طويلة الأجل في ظل رؤية عُمان 2040.
خلال الاجتماع، أشار عبد الله الحسن، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى عُمان وأفغانستان، إلى أن مشاورات هذا العام تأتي في ظل فترة من المرونة التي يتمتع بها الاقتصاد العُماني في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، والتوترات الجيوسياسية الإقليمية، وتقلبات أسعار النفط. وأشار إلى أن الاقتصاد العُماني غير النفطي نما بنسبة 3.5% في العام الماضي، ومن المتوقع أن يستمر بنفس المعدل. وأكد الحسن أن الوضع المالي لسلطنة عُمان لا يزال قويًا، حيث حافظ أداء الموازنة والفوائض على مستويات جيدة، في حين شهدت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر زيادة مطردة، على الرغم من التراجع العالمي في هذه الاستثمارات. ويتجه معظم الاستثمار الأجنبي المباشر نحو القطاعات المرتبطة بالغاز، ويعكس تضييق فروق العائد السيادية تزايد ثقة المستثمرين في الآفاق الاقتصادية لسلطنة عُمان وإطار سياساتها.
أوضح الحسن أن الموضوع الرئيسي لمشاورات 2025 هو تعزيز المرونة الاقتصادية وتسريع التحول في ظل التقلبات العالمية المتزايدة. وتتولى المهمة تقييم مرونة الإصلاحات المالية في عُمان، وتحسين إطار السياسة النقدية، وتطوير أسواق رأس المال، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية الضرورية للتحول طويل الأمد.
واستشهد بنتائج النمذجة العالمية التي تشير إلى أن عُمان يمكن أن تعزز الإنتاجية بنحو 1% على مدى السنوات الخمس المقبلة من خلال الاعتماد بشكل أكبر على الذكاء الاصطناعي، وهو ما يمثل توقعات أعلى بشكل ملحوظ مقارنة بالعديد من الاقتصادات الناشئة.
فيما يتعلق بالاستدامة، ذكر الحسن أن عمليات محاكاة صندوق النقد الدولي تُقيّم الآثار المحتملة لتعديلات السياسات، مثل تعديلات دعم الوقود. ويشير أحد السيناريوهات إلى أن إعادة تخصيص جزء من مدخرات الدعم لدعم الأسر المستحقة، مع استثمار الباقي في المشاريع الرأسمالية، وتنمية القطاع الخاص، ومبادرات التكيف مع تغير المناخ، يمكن أن يعزز الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان بما يصل إلى 7% فوق مستويات خط الأساس بحلول عام 2040.
وأكد أن التحول الاقتصادي الناجح لا يتطلب تنويع الإنتاج المحلي فحسب، بل يتطلب أيضًا تحسين هيكل الصادرات الوطنية وقيمتها وقدرتها التنافسية. وتقدم الدراسات المقارنة الدولية التي أجراها صندوق النقد الدولي، باستخدام نماذج من دول مثل سنغافورة وكوريا وماليزيا، رؤى قيّمة لتنمية عُمان.
وفي الختام، أشار الحسن إلى أن البعثة ستواصل عملها التحليلي حتى إعداد التقرير النهائي، بهدف رئيسي يتمثل في دمج وجهات النظر المحلية لدعم عُمان في تسريع التحول الاقتصادي وتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة حالة عدم اليقين العالمية.
تحليل خاص من عمانت | تصفح سوق عُمان
وتسلط المناقشات الأخيرة بين الجمعية الاقتصادية العمانية وصندوق النقد الدولي الضوء على فرص مهمة للشركات في عُمان، وخاصة من خلال تعزيز المرونة المالية وتوسيع الإيرادات غير النفطية. ينبغي على المستثمرين الأذكياء أن يأخذوا بعين الاعتبار الاستفادة من النمو المتوقع في القطاع غير النفطيمدفوعةً بزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر والإصلاحات الهيكلية. ومع ذلك، يجب عليهم أيضًا إدراك المخاطر المحتملة المرتبطة بالتقلبات الاقتصادية العالمية وضرورة التكيف المستمر مع المشهد المالي المتطور.
