نجاح الإصلاح المالي في عُمان: ما يعنيه للمستثمرين ونمو الأعمال
مسقط: يُسلّط تقريرٌ حديثٌ نُشر على مدونات البنك الدولي الضوء على الإنجازات المهمة التي حققتها أجندة الإصلاح المالي في سلطنة عُمان في تعزيز ماليتها العامة. يُفصّل التقرير، الذي أعدّه خبراء البنك الدولي، ياسمين شاكري، وهدى يوسف، ومحمد خداداد شطحة، وياسين وهيوني، الاستراتيجيات الرئيسية التي طبّقتها الحكومة العُمانية والتي نجحت في خفض الدين العام من ذروة بلغت 681 تريليون دولار أمريكي من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 إلى 351 تريليون دولار أمريكي بحلول نهاية عام 2024.
يؤكد التقرير على أن تجربة عُمان تُبرز أهمية الاستدامة المالية كعملية مستمرة، لا سيما في الاقتصادات الغنية بالنفط. ويشمل ذلك إدارة النفقات خلال فترات ارتفاع الإيرادات والتخطيط لاستقرار طويل الأمد. وقد أدت الإصلاحات الأخيرة وتدابير الدعم المُستهدفة إلى تحسن سريع في المؤشرات المالية للبلاد.
كان من التطورات الحاسمة في مسيرة الإصلاح هذه إطلاق الخطة المالية متوسطة الأجل (MTFP) في عام 2020، والتي رسمت مسارًا خمسيًا يهدف إلى استعادة الاستدامة المالية من خلال ترشيد الإنفاق وتوسيع مصادر الإيرادات. ونفذت الحكومة تدابير مثل خفض التوظيف، وخفض فاتورة الأجور، وإصلاح دعم الوقود والكهرباء من خلال نظام دعم مُستهدف، مما أدى إلى خفض الإنفاق العام بنسبة 161% و3% على التوالي.
على صعيد الإيرادات، فرضت عُمان ضريبة القيمة المضافة (VAT) بنسبة 51.3% في عام 2021، إلى جانب ضرائب السلع الانتقائية الحالية. وأبقت على معدل ضريبة دخل الشركات عند 15.3% لمعظم الشركات، وطبقت معدلًا مخفّضًا عند 3.3% للشركات الصغيرة والمتوسطة، بينما أبقت على معدل أعلى عند 5.5% لشركات النفط والغاز. وقد صُممت هذه الخطوات لخلق إطار مالي أكثر توازنًا ومرونة.
حققت الخطة المالية متوسطة الأجل نتائج قوية، متجاوزةً أهدافها المتعلقة بالتوازن المالي وخفض الدين. ومنذ عام ٢٠٢٢، حققت عُمان فوائض مالية، وفي عام ٢٠٢٤، استعادت تصنيفها الائتماني من الدرجة الاستثمارية. وعزت وكالات التصنيف الائتماني هذا التحسن إلى تحسن مقاييس الدين، وتحسن الإدارة المالية، والإصلاحات الاقتصادية الجارية.
تجدر الإشارة إلى أن عُمان أولت أولويةً لضبط الإنفاق عبر خفض النفقات غير الأساسية بدلاً من تقليص الخدمات العامة الأساسية. وزادت الإيرادات بتوسيع القاعدة الضريبية بدلاً من فرض معدلات أعلى على الضرائب الحالية. والأهم من ذلك، أنه عندما ارتفعت أسعار النفط، استخدمت الحكومة الإيرادات الإضافية لخفض الدين بدلاً من زيادة الإنفاق.
من أهمّ محاور التركيز الحالية تعزيز الإيرادات غير النفطية، مما يُسهم في استقرار الاقتصاد خلال فترات الركود الاقتصادي ويعزز المرونة المالية على المدى الطويل. وقد أحرزت عُمان تقدّمًا ملحوظًا من خلال تطبيق ضريبة إضافية في عام ٢٠٢٤ على الشركات متعددة الجنسيات، بما يضمن حدًا أدنى لمعدل الضريبة الفعلي يبلغ ١٥١TP3T، بما يتماشى مع إرشادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بشأن تآكل القاعدة الضريبية ونقل الأرباح (BEPS). إضافةً إلى ذلك، تُخطط عُمان لتطبيق أول ضريبة دخل شخصية في الخليج بحلول عام ٢٠٢٨، بدءًا من معدل ٥١TP3T على أصحاب الدخل المرتفع، وهو نهج قد يُحتذى به في الاقتصادات الأخرى المعتمدة على الموارد.
يُشيد المؤلفون بالتقدم المُحرز، لكنهم يُشددون على أن الإصلاحات المالية لا تزال أجندة غير مُكتملة. ويتطلب الحفاظ على الزخم التزامًا مُستدامًا بالبناء على المكاسب المُحققة. وإلى جانب الجهود المبذولة لتنويع النمو في القطاعات غير النفطية في إطار رؤية عُمان 2040، تبدو آفاق الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي واسع النطاق في عُمان واعدة.
تحليل خاص من عمانت | تصفح سوق عُمان
إن الإصلاحات المالية الناجحة في سلطنة عمان، والتي تميزت بانخفاض حاد في الدين العام واستعادة التصنيف الائتماني من الدرجة الاستثمارية، إشارة إلى زيادة الاستقرار المالي والثقة للشركات. ينبغي على المستثمرين الأذكياء النظر في الفرص المتاحة في القطاعات غير النفطية وتوقع الإصلاحات الضريبية القادمة مثل أول ضريبة دخل شخصية في الخليج، والتي قد تُعيد تشكيل المشهد الاستثماري. في غضون ذلك، يجب على رواد الأعمال التوافق استراتيجيًا مع أجندة التنويع في رؤية عُمان 2040 للاستفادة من النمو طويل الأجل والتخفيف من مخاطر تقلبات سوق النفط.
